سورة مريم - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{فَأَشَارَتْ} مريم {إِلَيْهِ} أي إلى عيسى عليه السلام: أن كلِّموه.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: لما لم تكن لها حجة أشارت إليه ليكون كلامه حجة لها.
وفي القصة: لما أشارت إليه غضب القوم، وقالوا مع ما فعلت تسخرين بنا؟.
{قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} أي: من هو في المهد، وهو حجرها.
وقيل: هو المهد بعينه، وكان بمعنى: هو. وقال أبو عبيدة: كان صلة، أي: كيف نكلم صبيا في المهد. وقد يجيء كان حشوا في الكلام لا معنى له كقوله: {هل كنت إلا بشرا رسولا} [الإسراء:93] أي: هل أنا؟
قال السدي: فلما سمع عيسى كلامهم ترك الرضاع وأقبل عليهم.
وقيل: لما أشارت إليه ترك الثدي واتكأ على يساره، وأقبل عليهم وجعل يشير بيمينه:


{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} وقال وهب: أتاها زكريا عند مناظرتها اليهود، فقال لعيسى: انطق بحجتك إن كنت أمرت بها، فقال عند ذلك عيسى عليه السلام وهو ابن أربعين يوما- وقال مقاتل: بل هو يوم ولد-: إني عبد الله أقر على نفسه بالعبودية لله عز وجل أول ما تكلم لئلا يتخذ إلها {آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} قيل: معناه سيؤتيني الكتاب ويجعلني نبيا.
وقيل: هذا إخبار عما كتب له في اللوح المحفوظ، كما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: متى كنت نبيا؟ قال: «كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد».
وقال الأكثرون أوتي الإنجيل وهو صغير طفل، وكان يعقل عقل الرجال.
وعن الحسن: أنه قال: ألهم التوراة وهو في بطن أمه. {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} أي نفاعا حيث ما توجهت. وقال مجاهد: معلما للخير. وقال عطاء: أدعو إلى الله وإلى توحيده وعبادته. وقيل: مباركا على من تبعني.
{وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} أي: أمرني بهما.
فإن قيل: لم يكن لعيسى مال فكيف يؤمر بالزكاة؟
قيل: معناه بالزكاة لو كان لي مال وقيل: بالاستكثار من الخير.
{مَا دُمْتُ حَيًّا} {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} أي وجعلني برا بوالدتي، {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} أي عاصيا لربه. قيل: الشقي: الذي يذنب ولا يتوب. {وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ} أي: السلامة عند الولادة من طعن الشيطان. {وَيَوْمَ أَمُوتُ} أي عند الموت من الشرك، {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} من الأهوال. ولما كلمهم عيسى بهذا علموا براءة مريم، ثم سكت عيسى عليه السلام، فلم يتكلم بعد ذلك حتى بلغ المدة التي يتكلم فيها الصبيان.


{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} قال الزجاج: أي ذلك الذي قال إني عبد الله عيسى ابن مريم {قَوْلَ الْحَقِّ} قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب: {قَوْلَ الْحَقِّ} بنصب اللام وهو نصب على المصدر، أي: قال قول الحق، {الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} أي: يختلفون، فقائل يقول: هو ابن الله، وقائل يقول: هو الله، وقائل يقول: هو ساحر كذاب.
وقرأ الآخرون برفع اللام، يعني: هو قول الحق، أي هذا الكلام هو قول الحق، أضاف القول إلى الحق، كما قال: {حق اليقين}، و{وعد الصدق}.
وقيل: هو نعت لعيسى ابن مريم، يعني ذلك عيسى ابن مريم كلمة الله الحق هو الله {الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} ويشكون ويختلفون ويقولون غير الحق. ثم نفى عن نفسه الولد فقال: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} أي: ما كان من صفته اتخاذ الولد. وقيل: اللام منقولة أي ما كان الله ليتخذ من ولد، {سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا} إذا أراد أن يحدث أمرا {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو: {أَنَّ اللَّهَ} بفتح الألف، يرجع إلى قوله: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} وبأن الله ربي وربكم، وقرأ أهل الشام والكوفة ويعقوب بكسر الألف على الاستئناف {فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} {فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ} يعني: النصارى سموا أحزابا لأنهم تحزبوا ثلاث فرق في أمر عيسى: النسطورية والملكانية واليعقوبية. {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} يعني يوم القيامة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8